شاهد عيان ( تفاصيل لم تروى عن حادث كنسية سيدة النجاة)

الخبير الامني سيف رعد طالب للمواطنة هاوس

شاهد عيان ( تفاصيل لم تروى عن حادث كنسية سيدة النجاة)
كنيسة سيدة النجاة

شاهد عيان ( تفاصيل لم تروى عن حادث كنسية سيدة النجاة)
بالساعه 1700 من يوم 31 تشرين الاول عام 2010 واثناء توجهي الى قيادة عمليات الرصافة لتأدية واجبي المكلف به وبالتحديد في ساحة التحرير سمعت دوي انفجار هز منطقة الكرادة وتبعه اطلاق نار وصوت انفجار رمانات يدوية وبعد التحري من خلال الاتصال في غرفة عمليات القيادة اعلاه تبين وجود عملية ارهابية قام بها ثلة من المتطرفين الارهابيين بأقتحام كنيسة سيدة النجاة واحتجاز رهائن مدنيين على الفور توجهت وبصحبتي زميلي الشهيد المغدور المقدم عمر جاسم الى موقع الحادث وعند وصولنا الى محل الحادث بالساعه 1715 تبين انفجار عجلة مفخخة على دورية للشرطة العراقية واقتحام الكنسية والسيطرة عليها من قبل مسلحين متطرفين ، تم احاطة المنطقة من قبل القوات الامنية وهنا بدأت الاحداث تتسارع ، مكالمات من ارقام غير معروفة على جوالي الشخصي تم اعطائهم رقمي من خلال معارف وزملاء اقرباهم وأصدقائهم محتجزين داخل الكنيسة كوني كنت حاضراً منذ بداية العملية الارهابية وقريب منها وبعد تلقي اول اتصال سمعت اصوات بكاء وصراخ واطلاق نار وصوت شاب لم أسمع صوته بعدها يخبرني بأنه احد المواطنين المحاصرين في غرفة بالزاوية اليمنى من نهاية الكنيسة وهذه الغرفة لها بابان باب دخولها من داخل الكنيسة حيث تقع بنهايتها بالقرب من منطقة التعميد الخاصة والباب الاخر مغلق ومحكم كونه يؤدي الى خارج الكنيسة تصوروا معي شدة الرعب الذي عاشته نساء واطفال وكبار سن وشباب قد يتجاوز عددهم من 30 الى 40 شخص وهم محتجزين في غرفه تكاد ابعادها لا تتجاوز عن 14 متر مربع حيث هرعوا لهذه الغرفة لتفادي الرصاص توقعوا داخل هذه الغرفة الصغيرة قام بعض الشباب محاولة لتفادي اطلاقات المسلحين الارهابيين بغلق الباب المؤدي الى داخل الكنيسة التي سيطروا عليها من خلال وضع بعض الدواليب والاثاث القليل المتوفر في هذه الغرفة كونها غرفه كانت مفتوحة من الداخل اي ليس فيها باب لكن بقت فتحه من فوق الدواليب وهنا يقوم احد الارهابيين بالرمي العشوائي على هذه الغرفه مما ادى الى عطل في منظومة التبريد (السبلت) وحرقها وهذا ماصعب على المحتجزين التنفس في وقتها وفعلا رأينا كم شهيد وشهيدة توفوا من اثر الدخان مختنقين داخل الغرفة ، جائت قوة من جهاز مكافحة الارهاب وجائت الاوامر بأقتحام الكنيسة لانقاذ حياة الرهائن المتبقين على قيد الحياة وكنت بالقرب من البوابة الرئيسية وتم اقتحام الكنيسة من قبل القوات الخاصة ، هنا حتى تكون الصورة كاملة للقارئ يجب ان يعلموا بأن هناك مدخلين فقط رئيسيان الاول امام الكنيسة والثاني من اليسار وبعد انتهاء عملية الاقتحام لم يسمح مسؤول العملية في وقتها سوى لي ولزميلي بالدخول كوننا كنا خبراء في المتفجرات والتحقيقات الجنائية لكي يتم تأمين المكان وأخذ العينات وعند اعطائنا الامر بالدخول هنا كانت لوحة انسانية لا يمكن اي مخرج سينمائي او فنان تشكيلي ان يجسدها رأيت كيف رجال جهاز مكافحة الارهاب يحملون الاطفال والنساء والجرحى محاولة لانقاذهم وايصالهم لعجلات الاسعاف كان موقف مدمي للقلب اطفال لايعرفون اين ذويهم نساء تبحث عن اولادهم كنت أتمشى في خطوات حذره وسط ضحايا ابرياء صعدت ارواحهم الى ربهم يشتكون من قاتلهم عنده ، رأيت حسب خبرتي من خلال الكشف الميداني بأن الارهابيين قد وضعوا عبوتان ناسفة في المدخل الخلفي لحديقة الكنسية وتم ابطالها من قبل خبراء المتفجرات لتعيق تقدم القوة المقتحمة ورأينا عدة رمانات يدوية كانت لم تنفجر وتم تأمينها ورفعها ، أما الارهابيين كانوا يرتدون احزمة ناسفة وقد اغلقوا البابان الرئيسيان وكانوا متأهبين ولحظة دخول القوات الامنية اشتبكوا معهم وقاموا بتفجير انفسهم وهم مرتدين متفجرات تحتوي على كرات حديدية صغيرة (الصجم) مما جعل الخسائر البشرية تزيد اكثر لم يتهاون الارهابيين عن قتل اي طفل او طفلة او امراءة بدم بارد ، وامتزجت هذه الدماء البريئة مع دماء القوات الامنية من الشرطة والاجهزة الامنية واوصلت رسالة لكل الحاقدين والمتطرفين وللعالم مفادها بأن الدم العراقي واحد كلنا شهداء على هذه الارض المباركة مهما كانت انتمائاتنا وديننا فهويتنا واحدة عراقية جسدت هذه العملية الارهابيه الجبانه خست ونذالة التطرف للجماعات المسلحة ، وانا اليوم اتذكر هذه الحادثة الأليمة بكل تفاصيلها وصورها المحفورة في ذهني اترحم على كل روح بريئة قتلت بدون اي ذنب واترحم على زميلي الشاب مقدم عمر جاسم الذي تم اغتياله قبل عدة سنوات في محافظة البصرة اثناء تمتعه باجازته هذه التضحيات والدماء التي سالت من العراقيين توصل رسالة كبيرة لكل العالم وللكتل السياسية المتناحرة ادركوا كم نحن متوحدين وكم نحتاج اليوم لهذه الوحدة لبناء الوطن وبأن حقوق المواطنين عندكم امانة ومن سقط شهيداً  لايكتب سوى بأنه عراقي ولد واستشهد من اجل هذا البلد .
الخبير الامني 
سيف رعد طالب

#مواطنة_هاوس